ShareThis

كيفية التخلص بسهولة من الافكار والاحداث المزعجة القديمة

السؤال

عندما أتعرَّض لموقف معيَّن أو يحدث معي شيء مزعج، فإنِّي لا أستطيع التخلُّص من هذا الحدث بسهولة، ويبقى لفترة طويلة يتردَّد داخل ذهني، أحاول جاهدًا الانتقالَ لفكرةٍ أخرى وإشغال نفسي بأمرٍ آخر، لكن بعدما أنتهي من الأمر الآخَر أعودُ إلى نفس الفكرة الأولى أو الواقعة الأولى التي كانت تشغل تفكيري.
أرجو التكرُّم بالإفادة ببيان الطريقة المُثلَى للتخلُّص من هذه المشكلة، ولكم جزيل الشكر سلفًا.
الجواب
الأخ الكريم، مرحبًا بك في شبكة (الألوكة)، وأهلاً وسهلاً بك.
قرأتُ رسالتك، وأتفهَّم الصعوبةَ التي تمرُّ بها، فعندما نمرُّ بموقفٍ مُعيَّن نظلُّ نفكر فيه، ويبقى مُلِحًّا علينا رغم محاولتنا التخلُّص من هذا التفكير، هناك عددٌ من النِّقاط أودُّ أنْ أُشِير إليها:

أولاً: يُخطِئ كثيرٌ من الناس في التعامُل مع مثل هذه الأفكار، هناك فرقٌ بين نسيان هذه الأفكار للتخلُّص منها وبين التعامُل مع هذه الأفكار، قد يكونُ من الصعب أحيانًا أنْ ننسى الفكرةَ أو نتجاهلها أو نُحاوِل التخلُّص منها لأنها مُلِحَّة، كما أننا في الوقت نفسه نقول لأنفسنا بشكلٍ خفي: إنَّ هناك موضوعًا مهمًّا يستحقُّ أنْ نفكِّر فيه، فنعود ونفكر فيه، بينما الطريقة المُثلَى هي الاعتراف بأهمية ما حدث، ثم العمل بشكل مستمرٍّ على تغيير رؤيتنا للحدث وتغيير تفسيرنا لهذا الحدث، ووضعه في إطارٍ آخَر مُرضٍ ومخفِّف للقلق.

دعْني أُوضِّح ما أعنيه من خِلال المثال التالي:
عندما أرتكبُ خطأً معينًا في موقفٍ مع صديق، بعدها يبدأ الإلحاح في التفكير، فتنتابُني أفكارٌ مثل: "لماذا فعلت ذلك؟ ما كان من المفترض أنْ أفعل ذلك..."، الحل الأمثل هنا ليس مجرَّد أنْ أنسى ما حدث وأُركِّز في أمرٍ آخَر، بل يجب أن أغيِّر طريقة رؤيتي للحدث؛ بمعنى: أنْ أقول لنفسي: "فعلاً هناك خطأ، أنا أحتاج لمعالجة هذا الأمر، يجب أنْ أفعل كذا وكذا"؛ ومن ثَمَّ أنتقلُ من مجرَّد التفكير في الحدث إلى إيجاد حُلول.

ويمكن أنْ أُبادِر إلى هذه الحلول فورًا؛ فمثلاً: قد أتَّصل بالصديق وأعتَذِرُ له، أو أقوم ببعض الأعمال التي تعبِّر عن اعتذاري عن هذا الخطأ.

وفي مثالٍ آخَر: عندما أفشل في الحصول على أمرٍ ما ستسيطر على عقلي أفكار ملحَّة: "لماذا فشلت؟ ماذا يعني ذلك؟ أنا ضعيف؟ كان من المفترض أنْ أفعل كذا"، الأمر الصحيح هنا أنْ أقول لنفسي: "لقد حدث ما حدث، الآن يجبُ أنْ أستفيد من هذه التجربة، هذه التجربة ستكونُ مفيدةً للغاية إذا خرجتُ منها بفائدة، الفشل هو طبيعة الحياة، ومَن لا يفشل لا ينجح..." وهكذا، يجب ألاَّ يركز الحديث على نِسيان المشكلة، بل إعادة فهمها ووضعها في إطارٍ جديدٍ.

ثانيًا: في أحيانٍ كثيرة قد نمرُّ بصديقٍ ولا يُسلِّم علينا؛ فنشعُر بالضيق، وربما تأتينا أفكار عديدة: "لماذا لم يُسلِّم عليَّ؟ أنا لم أفعل شيئًا! هل نقَلَ له أحدٌ شيئًا عنِّي ولذا يعاملني بهذا الجَفاء؟" التصرُّف السليم هنا هو أنْ أُعِيد صياغة الحدث بشكل مختلف، وأقول لنفسي: "لعله كان شاردًا أو مشغولاً أو منشغلاً بأمرٍ آخَر، لعله لم ينتبه..."، وهكذا نلتمس له الأعذار، وقد أنتقلُ من مرحلة التفكير إلى الفعل وأُهاتِفه لأُخبِره أنِّي كنت قد مررت بجواره لكنَّه ربما لم ينتبه لذلك.

كما ذكرتُ، هناك وسائل عديدة للتعامُل مع الأفكار بشكلٍ صحيحٍ؛ منها: إعادة وضْع الحدث في صورةٍ أخرى، والاعتراف بالحدث، ثم القفز نحو الفعل للتخفيف عن النفس أو تغيير الحوار الداخلي حول الحدَث كما ذكرتُ في موضوع الفشل.

ثالثًا: عندما نمرُّ بحدثٍ كبيرٍ يجبُ أنْ نتقبَّل ونتفهَّم قلقنا وانشغالنا بهذا الحدث؛ لأنَّه حدث مهمٌّ ويستحقُّ أنْ نستفيد منه... وهكذا، من الطبعيِّ أنْ يستمرَّ انشغالي به لفترةٍ قصيرةٍ مع عملي المستمرِّ على استخدام الوسائل التي ذكرتها في تغيير النظرة إلى الحدث.

من الأمور المفيدة أيضًا إخبارُ صديقٍ عن ذلك إذا كان الموضوع يستحقُّ، لكنْ يجب أنْ ننتبه؛ إذ لا بُدَّ أنْ يكون الصديق حكيمًا وداعمًا ومتفهِّمًا؛ لأنَّ إخبار بعض الأشخاص غير المناسبين قد يضرُّ أكثر ممَّا يفيد؛ لأنَّه يجلب اللوم والألم أكثر ممَّا يجلب الدعم والمساعدة.

ختامًا:
يجب أنْ أُشير إلى وجود اضطرابٍ نفسي يجعل الإنسان مهمومًا ومنشغلاً بالحدث بشكلٍ أكثر من الطبعيِّ، تترافَقُ هذه الأعراض مع شُعورٍ بالتوتُّر وعدم الارتياح وعدم الطمأنينة في النوم، وفي القيام بالأعمال بشكلٍ عام، مثل هذه الأعراض تحتاجُ عادةً إلى زيارة الطبيب النفسي للتأكُّد من التشخيص ووضْع خطَّة العلاج المناسبة.

أتمنى أنْ أكون قد قدَّمت شيئًا مفيدًا.


اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
هل أعجبك الموضوع ..؟ هل استفدت منه ..؟ هل تتفق أو تختلف مع محتواه من وجهة نظرك ..؟ 
ننتظر منك تعليقك هنا أسفل الموضوع


شارك الموضوع مع اصدقائك

هل أعجبك الموضوع؟؟

اشترك معنا و تابع جديد المدونة :)

كن من متابعينا

0 comments:

Post a Comment

:a :b :c :d :e :f :g :h :i :j :k :l :m :n :o :p :q :r :s

( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )